البراهما سترا : هل الدمار قدر أم اختبار للإنسانية ؟


البراهما سترا : هل الدمار قدر أم اختبار للإنسانية ؟


تزخر النصوص الهندوسية القديمة، مثل (الماهابهاراتا ، Mahabharata ) و(الرامايانا ، Ramayana ) و(الفيدا ، Vedas )، بوصوف لأسلحة خارقة تفوق الخيال، تُمثل قوة الآلهة وتُجسد مفاهيم الحرب والدمار فى الميثولوجيا الهندية ، و تُعتبر هذه الأسلحة التى تُوصف بأنها إلهية ، إنعكاساً لرؤية الإنسان القديم للقوى الكونية، كما تُثير تساؤلات حول إمكانية وجود تقنيات قديمة متطورة أو معرفة علمية غامضة . 

 1. سلاح شيفا المدمر ( باشوباتاسترا ، Pashupatastra) الخلفية الأسطورية :

 يُعتقد أن هذا السلاح هو الأقوى بين أسلحة الإله (شيفا ، Shiva ) وزوجته ( كالى ، Kali) ، ويُشار إليه فى (الماهابهاراتا) كسلاح يُفرغ البشر من عقولهم ويُدمر كل أشكال الحياة ، ووفقًا للنص، كان يُستخدم فقط فى حالات الدمار الشامل ، إذ يُطلق طاقة لا يمكن السيطرة عليها إلا من قبل الآلهة. 

 النص الفيدى : فى (ريجفدا ، Rigveda ) (الماندالا 7، السوكتا 59)، يُوصف شيفا كـ (رب الكائنات، Pashupati ) وتُشير الترانيم إلى قوته فى التحكم بالحياة والموت.

 المقارنة العلمية : يشبه وصف تأثير ( باشوباتاسترا )على العقل البشرى تأثير الأسلحة الإشعاعية الحديثة التى تُسبب تلفا عصبيا، أو حتى( الأسلحة النانوية) المُصممة لإستهداف الخلايا العصبية. 

 2. سلاح براهما النووى ( براهماسترا ، Brahmastra) الخلفية الأسطورية : 

 لقد صُنع هذا السلاح بواسطة الإله (براهما ، Brahma )، ويُوصف فى (الماهابهاراتا) بقدرته على إشعال نيران هائلة وجلب نيازك تُدمر مساحات شاسعة ، و يُقال إنه يترك الأرض عقيمة لقرون . 

 النص الفيدى : فى (أثارفافيدا ، Atharvaveda) (الكتاب 20، السوكتا 7)، يُذكر: بقوة البراهماسترا، تُحطم الجبال، وتجف الأنهار، ويصبح الهواء سامًّا . 

 المقارنة العلمية: تشابه أوصاف ( الإشعاع النووى ، Nuclear Fallout) مع ما يُسمى بالسموم التى تمنع نمو النباتات، وهو ما يتطابق مع تأثيرات التلوث الإشعاعى الحديث ، حتى أن العالم (روبرت أوبنهايمر ) ، قد أقتبس من (البهاغافاد غيتا ، Bhagavad Gita ) وهى جزء من (الماهابهاراتا) بعد تفجير أول قنبلة نووية مقولة : الآن أصبحت الموت، مدمر العوالم . 

 3. سلاح الخلط الكونى (توشتراسترا ، Twashtarastra) الخلفية الأسطورية : 

 صنعه الإله (توشترى ، Twashtri ) وهو الإله الخالق ، ويُستخدم لخلق فوضى عارمة عبر خلط عناصر الطبيعة، ووفقا للأسطورة ، يُمكنه تحويل السماء إلى نار والأرض إلى ماء .

 النص الفيدى : فى (ريجفدا) (الماندالا 1، السوكتا 161)، يُنسب إلى توشترى قدرته على إعادة تشكيل العالم . 

 المقارنة العلمية : يشبه تأثير هذا السلاح نظريات ( الهندسة المناخية ، Geoengineering) أو إستخدام تقنيات التحكم فى الطقس لإثارة الكوارث.

 4. سلاح إندرا الصاعقة (إندراسترا ، Indrastra) الخلفية الأسطورية : 

 يمتلكه الإله (إندرا ، Indra )، إله الحرب والرعد، ويُحول الجيوش إلى رماد عبر صواعق لا تُقهر ، حيث ورد فى (الماهابهاراتا) أن البطل (أرجونا ، Arjuna ) إستخدمه فى حرب (كوروكشيترا ، Kurukshetra ). 

النص الفيدى : فى( ريجفدا ) (الماندالا 1، السوكتا 32)، يُوصف إندرا: حامل الفاجرا (الصاعقة)، مُدمر القلاع، سيد القوة. 

المقارنة العلمية : يشبه عمل ( إندراسترا ) الأسلحة الحرارية ، Thermal Weapons ) مثل قنابل الفراغ التى تُمزق الأجسام عبر موجات صادمة.

 5. رمح شيفا ثلاثى الشعب (ترايسولا ، Trishula) : 

الخلفية الأسطورية : الرمز الأيقونى( لشيفا) ، وهو رمح ثلاثى يُستخدم لقطع رؤوس الشياطين ، و يُعتقد أن كل شُعبة ترمز إلى الخلق، الحفظ، والدمار . 

النص الفيدى : فى (شيفا بورانا ، Shiva Purana ) ، يُوصف (الترايسولا) بالسلاح الذي لا يُهزم .

المقارنة العلمية : قد يُشبه تأثيره تقنية (الليزر الدقيق ، Precision Lasers) القادر على استهداف أجزاء محددة من الجسم . 



6. قرص فيشنو القاطع (سودارشانا تشاكرا ، Sudarshana Chakra) 

الخلفية الأسطورية : قرص دوار بـ 108 شفرة حادة، يمتلكه الإله (فيشنو ، Vishnu ) ، ووفقا للأسطورة، يُمكنه قطع أى شىء وملاحقة الأهداف حتى النهاية . 

النص الفيدى : فى ( فيشنو بورانا ، Vishnu Purana) (الكتاب 1، الفصل 22)، يُقال: إن (السودارشانا تشاكرا) هو نور الحقيقة الذى يمحو الظلام . 

المقارنة العلمية : يشبه عمل القرص أسلحة الطائرات المسيرة الذكية ، أو أنظمة التوجيه بالليزر .

 7. صاعقة إندرا الماسية (فاجرا ، Vajra) 

 الخلفية الأسطورية : وهو سلاح مصنوع من عظام الحكيم (داديتشى ، Dadhichi) و يُشبه الماس فى صلابته ، وقد ورد فى (الريجفدا) أن الفاجرا قادرة على تدمير أى درع .

 النص الفيدى : فى (الريجفدا ) (الماندالا 1، السوكتا 32): الفاجرا، سلاح إندرا، تلمع كالشمس وتنقض كالرعد. 

المقارنة العلمية : ويشبه وصفها (الصواريخ الباليستية ، Ballistic Missiles ) ذات الرؤوس الحادة التى تخترق الأهداف . 

 8. سلاح إله المحيطات ( فاروناسترا ، Varunastra) : الخلفية الأسطورية : 

 يمتلكه الإله (فارونا ، Varuna ) ، ويُستخدم لإستدعاء فيضانات كارثية ، ووفقًا ( للماهابهاراتا ) ، فقد إستخدمه البطل (أشواتثاما ، Ashwatthama ) لمحاربة إله النار (أغنى ، Agni) . 

 النص الفيدى : فى (أثارفافيدا) (الكتاب 4، السوكتا 16) : (فارونا ) ، سيد المياه، قادر على إخماد نيران الأرض بفيضانه . 

المقارنة العلمية : يشبه إستخدامه تقنيات ( التسونامى الإصطناعية ) والتى تتم عبر تفجيرات نووية تحت الماء 

 9. سلاح فيشنو المميت (ناراياناسترا ، Narayanastra) 

 الخلفية الأسطورية : يُطلق ملايين الصواريخ فى الثانية، وفقًا ( للماهابهارتا ) ، وكان يُستخدم مرة واحدة فقط فى كل معركة ، وناره لا تُطفأ إلا بالإستسلام التام. 

النص الفيدى : فى (البهاغافاد غيتا) (الفصل 11)، يقول (كريشنا) أنا نارايانا، مصدر كل الأسلحة والقوة .

المقارنة العلمية : يشبه وصفه هجوم الصواريخ المتعددة الرؤوس أو أسلحة التدمير الشامل.

 إذن ، هل كانت هذه الأسلحة مجرد استعارات شعرية، أم أن الحضارات القديمة عرفت تقنيات فُقدت مع الزمن؟ بينما يرفض العلم الحديث هذه الفرضية، تبقى هذه الأساطير مرآة لعقل الإنسان الذى يصارع الخوف من القوة والدمار ، و كما تقول الحكمة الفيدية : ( القوة لا تُدمر إلا عندما تُساء استخدامها ) (Yajurveda 40.1). هكذا نرى إن الأسلحة العظيمة لا تختفى، بل تتنكر بأسماء جديدة، و كما حذرنا (الريجفدا 10.125) منذ فجر التاريخ: ( أنا أقتل وأشفق، أنا أخلق وأدمر، فى يدى الموت والخلود) 

إن هذه ليست أسطورة، بل نبوءة تحققت

( البراهماسترا) أصبحت القنبلة النووية 

(شاركتى) تحولت إلى صواريخ باليستية 

( فاجرا ) اليوم هى الحرب السيبرانية

لكن الحكمة الفيدية تظل كالشمعة فى عاصفة التكنولوچيا: ( لقوة المطلقة لا تخلق حكمة مطلقة ) (أثارفافيدا 19.41.1) و الدرس الأبدى الذى تنقله لنا النصوص القديمة أن التكنولوچيا تتطور، لكن النفس البشرية لم تتغير وكل عصر يخترع ( براهماستراه) الخاصة ، وأن المعركة الحقيقية ليست فى السيطرة على القوة، بل فى السيطرة على الذات ، و كما يقول (الكاثا أوبنشاد 2.23) : ( لا يمكن للسلاح أن يقطع الروح، ولا للنار أن تحرقها ) وهنا ، تذكرنا هذه المقارنة بين الماضى والحاضر ، أن الأسلحة ليست سوى أدوات تعكس حالة اللاوعى الجمعى للإنسان و أن التحذير الفيدى ليس ضد القوة، بل ضد الغفلة ، وأن الحل ليس فى التخلى عن التقدم، بل فى تحقيق التوازن ، وفى النهاية : ( لن ينتصر من يملك أقوى الأسلحة، بل من يحتفظ بأعلى القيم ) (ماهابهاراتا (12.156.5) . 


أقرأ أيضا

الاكثر قراءة